مقدمة
خالص تعازينا لكل المتأثرين من متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم الحالية والمعروفة بجائحة فيروس كورونا 2 (كورونا-سارس-2) ("جائحة فيروس كورونا").
نُولي في هذه الأوقات الاهتمام لما نستطيع أن نعبر عنه، لذلك أوردنا أدناه نظرة عامة على موقف النظام السعودي وتقييم التأثير المحتمل الناتج عن جائحة فيروس كورونا على تنفيذ العقود وفق النظام السعودي.
لمزيد من المعلومات عن هذا الشأن، نرجو إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى فريق الاستجابة القانونية لجائحة كورونا على البريد: Covid19@khoshaim.com
الخلفية والمعلومات الأساسية
في الثلاثين من يناير عام 2020م، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن أن وباء فيروس كورونا-سارس-2 يشكل حالة طوارئ صحية تثير القلق الدولي.
في الحادي عشر من شهر مارس عام 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي جائحة فيروس كورونا.
ونتيجة لما حدث، طبقت عدة دول من ضمنها المملكة العربية السعودية تدابير تُقيد السفر والأنشطة التجارية وتنقّل الأشخاص ("التدابير الحكومية")
النظام السعودي: تمهيد عن تعذر التنفيذ
بموجب النظام السعودي (1)، ومن ناحية المبدأ، يشكل العقد ميثاقًا بين أطرافه – إلا إذا أخل العقد بأحكام الشريعة أو النظام العام أو التشريع الذي سُن – لذا، فهم ملزمون بالوفاء بما اتفقوا عليه وتعاهدوا به.
تتضمن العديد من العقود التجارية الخاضعة للأنظمة السعودية بند القوة القاهرة، والحدث الجوهري الضار، وتعديل النظام وغيرها من البنود المماثلة ("بنود العذر") التي تعفي أحد الأطراف من تنفيذ التزاماته التعاقدية بسبب وقوع أحداث معينة.
وبشكل عام، من غير الوارد أن يتعارض بند العذر العادي في ذاته مع أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام والتشريع الذي سُنّ. ومع ذلك، ينبغي تمحيص كل بند بمفرده، على سبيل المثال، إن صيغ بند العذر بطريقة تحدث اللبس في الاتفاقية لأن الأحداث الواقعة التي يشملها هذا البند تتضمن أمور تُجهل ماهيّتها (مثل الظروف الجوية العادية، وسعر سوق الأوراق المالية وغيرها) قد لا تكون هذه الأحداث الواقعة عندئذ سببًا في إنفاذ بند العذر لعدم امتثاله للمنع وفق النظام السعودي بما في ذلك مصطلح الغرر.
أيضًا، لا يوجد مفهوم عام لـ"القوة القاهرة" في الشريعة (2) ولكن يمكن الاستنباط من مفاهيم مماثلة من المبادئ العامة لكيفية التعامل مع الجوائح أو العذر الذي يؤثر على الأداء وفق أحكام الشريعة، كما فُصل أدناه. لذا، حتى وإن لم يتضمن بند العذر تلك المفاهيم، أو لم تنص عليها صراحة، فلا يزال من الممكن تفسيرها في عقد يحكمه النظام السعودي، وقد يخشى أن تطبق المحاكم أو هيئات التحكيم السعودية هذه المفاهيم.
مقارنة بين مفهوم الجوائح الشرعي والعذر ومفهوم الفوة القاهرة
في بعض الاختصاصات القضائية، نتوصل إلى أن مفهوم القوة القاهرة يتطلب عادة استيفاء الشروط الآتية:
- أن يكون الحدث استثنائيًا وعامًا – وهذا منصوص عليه أيضًا في الشريعة، والأمثلة التي استدل بأحداثها فقهاء الشريعة لبيان ماهيّة الجوائح هي التي من شأنها أن تؤثر على كل فرد، بما فيهم أطراف العقد، كما أن الانطباع العام عن العذر الشرعي شرط موجود في جميع المذاهب الإسلامية.
- أن يكون الحدث غير متوقع وحتمي ولا يمكن السيطرة عليه – وهذا أيضًا من الشروط الواردة في الشريعة الإسلامية
- أن يتسبب الحدث باستحالة تنفيذ العقد – هناك بعض الجدل في ما إن كانت الاستحالة هي الحد المكتفى به أم يكتفى بالعجز عن التنفيذ وعبء الالتزام. وفي كل الأحوال، تفصّل كل حالة على حدة لمعرفة جوانبها.
تقدير أثر جائحة كورونا على العقود في النظام السعودي
يعتمد بيان هذه المسألة على العقد في ذاته، إن نص فيه بند على العذر وأحكامه، فيُنظر في هذا البند أولًا للبت فيما إن كانت الظروف التي نص عليها البند قد وقعت بسبب جائحة كورونا أو بسبب التدابير الحكومية، وإجراء بيان تفصيلي يفسّر الحقائق في العقد.
في معظم الحالات، لا تكون جائحة كورونا هي العذر بمفردها على تنفيذ الالتزام بموجب العقد. قد تقع هذه الحالة إن لم يكن تنفيذ العقد متأثرًا بالجائحة (على سبيل المثال الأفراد الذين يُنفذون ما نص عليه العقد ولم يصابوا بالفيروس أو يكونوا عرضة للإصابة بخطر جسيم جراء ذلك). وجدنا في هذا الصدد قضية واحدة على الأقل رُفعت إلى المحكمة، أعفت فيها المحكمة المقاول لوحده من التنفيذ بسبب إصابة عامليه بالحمى.
وإن كانت التدابير الحكومية سببًا في التأثير على تنفيذ العقد (مثل حظر الدخول إلى مناطق معينة والخروج منها، والقدرة على توريد السلع أو المواد الخام، والقدرة على السفر لتنفيذ العقد وغيرها) فهي كافية للإعفاء من التنفيذ وفق بعض بنود العذر.
ومع ذلك، نلاحظ أن التدابير الحكومية التي اتخذتها حكومة المملكة العربية السعودية اعتبارًا من تاريخه تستثني -من قيودها المذكورة- صراحة قطاعات مختلفة، بما فيهم المرافق والاتصالات والكهرباء والتوريد والتصنيع والتغذية والرعاية الصحية والأدوية وخدمات المرافق الأساسية والحكومية. وعليه، لا نظن أن المتعاقدين الذين يؤدون خدمات في هذه القطاعات سيعفون من تنفيذ التزاماتهم في أغلب الحالات.
تسمح كذلك التدابير الحكومية للأعمال غير المندرجة ضمن القطاعات المذكورة بعاليه بالاستمرار في الحفاظ على وظائفها الأساسية ومواصلة أداء أعمالها. وهذا يدعم الاستنتاج القائل بأنه لا يجوز إعفاء المقاولين من تنفيذ التزاماتهم على نحو شامل.
من المرجح أن يحتج الطرف المتعاقد بما يأتي فيما يتعلق بالجائحة أو التدابير الحكومية للالتماس تعذّر التنفيذ الناتج عن الكوارث أو العذر المقبول:
- أن الحدث خارج عن إرادته، وهو الأرجح
- شمولية الحدث بطبيعته وتأثيره على الجميع بما فيهم العاملين
- إبرام العقد قبل وقوع هذه الأحداث، ولم يُتوقع ماهيّة آثار الجائحة أو التدابير الحكومية للتخطيط لها
- أن الأحداث أدت إلى استحالة تنفيذ الالتزامات بموجب العقد أو زادت في صعوبة تنفيذها
إن تمكن أحد الأطراف المتعاقدة من إثبات ما ورد أعلاه، فقد ينجح في إقناع المحكمة أو هيئة التحكيم التي تطبق الأنظمة السعودية من إعفاءه من التزاماته أو السماح له بتعديل العقد أو إنهائه.
الإجراءات المتخذة
نظنبأن معظم الأطراف المتعاقدة ستستمر في مراقبة الأحداث المحيطة بالجائحة والتدابيرالحكومية وتنظر في أمرها وفقًا لطبيعتها، نظرًا لتغير الأوضاع المستمر.
ومنالمرجح أن يبدأ طرفا العقد في أي عقود مستقبلية بوضع بنود تنص بنص صريح على كيفيةالتعامل مع أحداث مماثلة لهذا، وما تؤول إليه تلك الأحداث بإنهاء العقد.
نأملأن ما حوته هذه النشرة قد آتى ثماره. لمزيد من المعلومات عن هذا الشأن، نرجو إرسالرسالة بريد إلكتروني إلى فريق الاستجابة القانونية لجائحة كورونا على البريد: Covid19@khoshaim.com