فتحت المملكة العربية السعودية أبوابها لمكاتب المحاماة الأجنبية لإنشاء كيان لها في المملكة، وأتاحت لها خيارين لاختيار الشكل منهما. ومع ذلك، توجد متطلبات جوهرية يتعين على مكاتب المحاماة الأجنبية مراعاتها، بما فيها ما يتعلق بإقامة الشركاء، والقيود المفروضة على إحالة العمل إلى مكاتب خارج المملكة، وتدريب المحامين السعوديين وتنمية قدراتهم، والحصول على الدعم الإداري الميداني.
مُنحت مكاتب المحاماة مهلة مدتها ستة أشهر لتصحيح أوضاع العلاقات القائمة (شراكة / تعاون / تحالف) أو إعادة هيكلتها بما يتناسب مع المتطلبات الجديدة.
وتوضح هذه النشرة الخيارات المتاحة لمكاتب المحاماة الأجنبية والمزايا والقيود الخاصة بكل خيار، مع التنويه بأن بعض تفاصيل هذا القرار خاضعة للإصدار الرسمي للقواعد التنفيذية.
وبما أننا مكتب المحاماة الرائد في المملكة العربية السعودية، نسعد بمناقشة هذه الخيارات مع مكاتب المحاماة الأجنبية التي تسعى إلى إعادة هيكلة علاقاتها أو الاستثمار في المملكة العربية السعودية.
نظرة عامة
على مرّ العقود، اعتمدت مكاتب المحاماة الأجنبية في خدمة عملائها فيما يتعلق بالقضايا والمسائل الواقعة في المملكة العربية السعودية على ما يسمى باتفاقيات (الشراكة / التعاون / التحالف)، وتُبرم هذه الاتفاقيات مع محامين سعوديين مرخصين أو مكاتب محاماة سعودية. وعادة ما تحدد هذه الاتفاقيات نطاق العلاقة وشروط الحصرية أو عدمها، والشروط المتعلقة بإعارة الموظفين، وترخيص الأسماء التجارية، والمسائل الدعائية/الإعلامية، وإجراءات التحقق من التعارض، وترتيبات تقاسم الأتعاب، وغيرها من الشروط.
كانت هذه العلاقات مبنية على "صداقة حميمة" وتحولت إلى إنشاء مكتب فرعي على أرض الواقع بين محام سعودي أو مكتب سعودي، ومكتب محاماة أجنبي. بيد أن تلك العلاقة حُفّت بالمشاكل النظامية. فمن منظور تنظيمي، فقد تجنبوا -إن لم يتحايلوا أو ينتهكوا في بعض الأحيان- تلبية متطلبات الترخيص والضرائب في المملكة. ومن منظور المخاطر، فقد عرّضوا المحامي السعودي أو مكتب المحاماة لمخاطر قانونية وتجارية لا مبرر لها. أما من منظور العميل، فغالبًا ما يحتار العملاء بشأن مع من يتعاقدون معه. ومن منظور استثماري، فلم يتسنَّ لمكاتب المحاماة الأجنبية الاستثمار في المملكة بسبب السيطرة المُمارسة على أساس تعاقدي فقط دون تكوين رأس مال لصالحها بمرور الوقت.
التغيرات
ستتمكن مكاتب المحاماة الأجنبية المؤهلة من إنشاء كيان لها والسيطرة عليه، ويكون لها ملكية فيه وإن كان بوجود المتطلبات الجوهرية.
إن من أبرز الشروط لمكاتب المحاماة الأجنبية الآتي:
- أن تتمتع بسمعة دولية متميزة في مزاولة المهنةوفقًا للمؤشرات والمجلات الدولية.
- أن يكون مر على تأسيسها 10 سنوات.
- أن يكون لها وجود دولي في 3 دول أو خمس ولايات في دولة واحدة.
ونعتقد أن معظم مكاتب المحاماة الدولية الرائدة ستتمكن من الوفاء بهذه المتطلبات بسهولة.
خيارات الاستثمار
سيكون لمكاتب المحاماة الأجنبية المؤهلة خياران للاختيار منهما:
شركة خدمات مهنية: تؤسس مكاتب المحاماة الأجنبية بموجب هذا الخيار شركة خدمات مهنية في المملكة العربية السعودية، وتملكها بنسبة تصل إلى 75%، ويملك النسبة المتبقية 25% محام أو أكثر من المحامين السعوديين المقيدين في جدول المحامين الممارسين.
إن ميزة هذا الخيار هي السماح لهذه الشركة بالمشاركة في كامل نطاق الخدمات القانونية في المملكة، ويشمل تقديم المشورة في المسائل النظامية في المملكة، وإبداء الرأي القانوني في المسائل المتعلقة بالنظام السعودي، والعمل على أنواع معاملات أسواق رأس المال كافة، وتولي الترافع والتقاضي بالاستعانة بمحامين سعوديين مرخصين.
وكما الحال في أي علاقة مشروع مشترك، فإن مكاتب المحاماة الأجنبية والمحامين السعوديين الذين يهدفون إلى تكوين مثل هذه الشركات سيرغبون في النظر بعناية في المسائل الهائلة التي تنشأ عادةً، مثل: المسائل التمويلية ومسائل الحوكمة ومسائل الإخفاق في اتخاذ القرار ومسائل عدم التنافسية ومسائل حقوق التخارج وتوزيع الأرباح والتصفية وحقوق الملكية الفكرية وغيرها. قد تُخصص بعض هذه المسائل تعاقديًا ويُتفق عليها، ومن المحتمل على إثر هذا التخصيص نشوء بعض مخاطر إمكانية النفاذ.
فرع مكتب: تفتح مكاتب المحاماة الأجنبية بموجب هذا الخيار فروعًا لها في المملكة، وتكون مملوكة بنسبة 100% ومسيطر عليها بالكامل من قبل مكتب المحاماة الأجنبي المعني.
يحد هذا الخيار من الخدمات القانونية التي يمكن تقديمها، إذ إنه لن يُسمح لفرع مكتب المحاماة الأجنبي بتقديم المشورة في المسائل المتعلقة بالنظام السعودي، وعليه فلن يكون قادرًا على تقديم الخدمات نفسها التي تقدمها شركة خدمات مهنية. وعوضًا عن ذلك، سيقتصر عمل فرع مكتب المحاماة الأجنبي في تقديم المشورة على المسائل الآتية:
- القانون الدولي.
- قوانين الاختصاصات القضائية المرخص له بتقديم المشورة فيها.
- خدمات التحكيم والوساطة والمصالحة.
- الدراسات المقارنة أو دراسات الاختصاصات القانونية الأخرى.
وعلى هذا النحو، فإن ميزة هذا الخيار هي السماح لمكتب المحاماة الأجنبي بالسيطرة الكاملة على الأعمال. وإن رأى مكتب المحاماة الأجنبي أن عملاءه بحاجة إلى مشورة قانونية سعودية، فيمكنه طلب مساعدة مكاتب المحاماة السعودية على أساس كل مسألة على حدة.
الشروط
يتعين على مكتب المحاماة الأجنبي في كلا الخيارين المتاحين، ما يأتي:
- أن يكون له مقر أو أكثر في المملكة العربية السعودية لمزاولة المهنة مع الالتزام بجميع متطلبات التسجيل والقيد.
- أن يسمي شريكين على الأقل يمثلانه في المملكة والالتزام بإقامتهما فيها مدة لا تقل عن 180 يومًا في العام.
- ألا تقل نسبة عدد العاملين السعوديين في المكتب المزاولين للأعمال ذات الطبيعة النظامية عن النسب المطلوبة.
- أن يضع المكتب خطة لنقل المعرفة والتدريب للمحامين السعوديين.
- أن يسجل المحامين غير السعوديين المؤهلين في عضوية الهيئة السعودية للمحامين، شريطة أن تتوافر لديهم خبرة عملية في مزاولة مهنة المحاماة لا تقل عن خمس سنوات.
- أن يقدم الاستشارات النظامية في المملكة من خلال منسوبي المكتب، ويجوز للمكتب الاستعانة بمكتب محاماة خارج المملكة وفق حاجة العمل ولغرض دعمه في تقديم الاستشارات النظامية في المملكة، شريطة ألا تتجاوز الاستشارات النظامية التي تُحال إلى مكاتب خارج المملكة النسبة المحددة.
- التأمين ضد المسؤولية المهنية.
- أن يدفع ضريبة الدخل وضريبة الاستقطاع على المدفوعات للمكاتب الأجنبية، وضريبة القيمة المضافة على الخدمات المقدمة من شركة مهنية أو فرع المكتب.
تهدف هذه المتطلبات إلى تعزيز الحضور الكبير في المملكة، وتوفير فرص للكفاءات السعودية، وتهدف أيضًا إلى منع مكاتب المحاماة الأجنبية من إنشاء كيان لها لأغراض التسويق أو إحالة الأعمال. نعتقد أن هذه المتطلبات ستتوافق مع المتطلبات القادمة بنقل الكيانات الأجنبية مقارها الإقليمية إلى المملكة كجزء من مبادرات رؤية 2030.
العقوبات
تخضع المكاتب والمحامون غير الملتزمين بالشروط الواردة أعلاه، أو من يكونون جزءًا من تقديم الاستشارات القانونية في المملكة دون الحصول على التراخيص المطلوبة أو اتخاذ الشكل الصحيح؛ إلى عقوبات، تشمل: المنع من مزاولة المهنة في المملكة، أو الترحيل من البلاد، أو غرامات مالية. ويمكن أن تُقرر أيضًا العقوبات الواردة في أنظمة الضرائب والتستر، بما فيها شطب المكتب وإغلاقه وعقوبة الحبس.
التراخيص المؤقتة
إذا ثبت أن المتطلبات شاقة على مكاتب المحاماة الأجنبية، فبإمكانها التعاقد مع العملاء في المملكة على أساس عبر الحدود بالحصول على "ترخيص مؤقت" من وزارة العدل. قد يلزم كل من العميل ومكتب المحاماة الأجنبي إثبات أن الخدمات المطلوبة بموجب الترخيص المؤقت لا تقدمها مكاتب المحاماة السعودية (بما في ذلك مكاتب المحاماة الأجنبية التي أسست شركات خدمات مهنية أو فروع لها). قد تورد وزارة العدل تفاصيل أوسع لهذه المتطلبات في المستقبل.
وفي جميع الأحوال، يقتصر الترخيص المؤقت على مسألة واحدة، وتنتهي مدته بانتهاء التعاقد الأساسي مع العميل. لا يسري ما ورد أعلاه من متطلبات تتعلق بالإقامة ومقر العمل في المملكة على الحصول على الترخيص المؤقت.
الخطوة القادمة
يلزم مكاتب المحاماة الأجنبية تصحيح أوضاع علاقات التعاون/ التحالف/الشراكة المقامة مع شركائها خلال ستة أشهر - ما لم يمدد وزير العدل المدة - وإلا يُعدون في حال عدم تصحيح أوضاعهم مخالفين للقواعد الجديدة.
لقد ورد الكثير وكتب من كتب عن مبادرات رؤية 2030 والفرص التي ستقدمها، لذا يجدر بمكاتب المحاماة الأجنبية النظر والتفكير في رغبتهم بالاستثمار في المملكة؛ إذ إن هذا الوقت هو المثالي لفرص الاستثمار.
إن قررت إدارة مكتب المحاماة الأجنبي إقامة وجود لها في المملكة، فعليها اختيار الشكل، فإما شراكة مع مكتب محاماة سعودي، أو إقامة وجود لها ككيان مستقل.
وإن رغبت إدارة مكتب المحاماة الأجنبي الانخراط في أوسع نطاقات الخدمات القانونية ولها السَبق في الشراكة مع المكاتب المعروفة، فإن أفضل خيار لها هو تأسيس شركة خدمات مهنية. بيد أنه يجب مراعاة -في كلا الخيارين- اختيار المحامين السعوديين لإقامة شراكة معهم، والترتيبات التعاقدية التي ستبرم، نظرًا إلى كلفة وصعوبة إنهاء الشراكة في شركات الخدمات المهنية أو إعادة تشكيها/هيكلتها.
ولما لافتتاح فرع للمكتب من مزايا (مثل السيطرة الكاملة وتملك الأسهم كافة) إلا أن الفرع سيقتصر على أنشطة محدودة كما ورد أعلاه، ويكون نماؤه وتطوره بطيئًا مع مرور الوقت. وبالطبع، فما زال بإمكان مكاتب المحاماة الأجنبية طلب مساعدة مكاتب المحاماة السعودية في مشاريع معينة عند الحاجة إلى المشورة القانونية السعودية.
وفي كلا الخيارين، ستسري عليهما المتطلبات الجوهرية، من: إقامة الشركاء في المملكة، وقيود إحالة العمل إلى مكاتب خارج المملكة، وتدريب المحامين السعوديين وتنمية قدراتهم، والحصول على الدعم الإداري الميداني. ويعني هذا أن على مكاتب المحاماة الأجنبية في كلا الخيارين تهيئة إمكاناتها للقيام باستثمارات كبيرة ومستمرة في المملكة العربية السعودية.
وفي حال عدم مناسبة الخيارين الواردين أعلاه، فيمكن اللجوء إلى خيار الترخيص المؤقت والتعاقد لتقديم الخدمة القانونية في مشروع معين.
لمزيد من التفاصيل حول مجال الشركات والتحالفات الإستراتيجية والامتثال وقدرات K&A فيها، نرجو زيارة قسم "خبراتنا".